الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك **
وفي يوم الاثنين رابع عشره شنق الأمير ناصر الدين إسماعيل بن يغمور أستادار الصالح إسماعيل وشنق بكجا ملك الخوارزمي وأمين الدولة أبو الحسن السامري الوزير على باب قلعة الجبل ومعهم المجير بن حمدان من أهل دمشق. وظهر لأمين الدولة من الأموال والتحف والجواهر ما لا يوجد مثله إلا عند الخلفاء بلغت قيمة ما ظهر له سوى ما كان مودوعاً ثلاثة آلاف ألف دينار ووجد له عشرة آلاف مجلدة كلها بخطوط منسوبة وكتب نفيسة. وفي ليلة الأحد السابع والعشرين من ذي القعدة: قتل الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب بقلعة الجبل وعمره نحو الخمسين سنة. قال ابن واصل: من أعجب ما مر بي أن الملك الجواد مودوداً لما كان في حبس الملك الصالح إسماعيل سير إليه الملك الصالح إسماعيل من خنقه وفارقه ظناً أنه قد مات فأفاق فرأته امرأة هناك فأخبرتهم أنه قد أفاق فعادوا إليه وخنقوه حتى مات. وفر هذه الليلة لما أخرجوا لذلك الصالح إسماعيل بأمر المعز أيبك إلى ظاهر القلعة وكان معهم ضوء فأطفأوه وخنقوه وفارقوه ظناً أنه قد مات فأفاق فرأته امرأة هناك فأخبرتهم أنه أفاق فعاثوا إليه وخنقوه حتى مات. فانظر ما أعجب هذه الواقعة! ودفن هناك وكانت أمه رومية وكان رئيس النفس نبيل القدر مطاعاً له حرمة وافرة وفيه شجاعة. وفي ثامن عشريه: أخرج الملك المعز كل من دخل القاهرة من عسكر الملك الناصر إلى دمشق على حمير هم وأتباعهم ولم يمكن أحداً منهم أن يركب فرساً إلا نحو الستة أنفس فقط وكانوا نحو الثلاثة آلاف رجل. وفيها وصل إلى الملك الناصر من قبل القان ملك التتر طمغا صورة أمان فصار يحملها في حياصته وسير إلى القان هدايا كثيرة فلما خرج هولاكو واستولى على الممالك تغافل الناصر عنه ولم يبعث إليه شيئاً فعز ذلك عليه وصار في كل قليل ينكر تأخر تقديمة الناصر الهدايا والتحف إليه. وفيها كثر ضرر المماليك البحرية بمصر ومالوا على الناس وقتلوا ونهبوا الأموال وسبوا الحريم وفي سابع عشر ذي الحجة: سار الأمير فارس الدين أقطاي من القاهرة في ثلاثة آلاف إلى عزة واستولى عليها. وفي هذه السنة: قدم البطرك أثنامبوس بن القس أبي المكارم في يوم الأحد رابع شهر رحب الموافق الخامس بابه سنة سبع وستين وتسعمائة للشهداء. فأقام في البطركية إحدى عشرة سنة وخمسة وخمسين يوماً ومات يوم الأحد أول كيهك سنة ثمان وسبعين وتسعمائة للشهداء الموافق لثالث المحرم سنه ستين وستمائة هجرية وخلا الكرسي بعده خمسة وثلاثين يوماً. وفيها مات الإمبراطور ملك الفرنج الألمانية بصقلية وقام من بعده ابنه. وخرجت هذه السنة والناصر يوسف بدمشق وبيده ملك الشام والشرق ومملكة مصر بيد الملك المعز عز الدين أيبك التركماني ويخطب معه للأشرف موسى والمعتمد عليه في أمور الدولة من البحرية ثلاثة أمراء: وهم الأمير فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس البندقداري وسيف الدين بلبان الرشيدي. ومات في هذه السنة من الأعيان الملك المعظم غياث الدين تورانشاه بن الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب بن شادي قتيلاً في يوم الاثنين تاسع عشري المحرم. ومات الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل أبي بكر بن أيوب بن شادي قتيلاً في ليلة الأحد سابع عشري ذي القعدة عن نحو خمسين سنة ومات الأمير شمس لؤلؤ الأميني مقدم عسكر حلب قتيلاً في يوم الخميس عاشر ذي القعدة وتوفي رشيد الدين أبو محمد عبد الوهاب بن طاهر بن علي بن فتوح بن رواج الإسكندري المالكي عن أربع وتسعين سنة في وتوفي الحافظ شمس الدين أبو الحجاج يوسف بن خليل بن قراجا بن عبد الله الدمشقي بحلب عن ثلاث وتسعين سنة.
فيها استولى الأمير فارس الدين أقطاي على الساحل ونابلس إلى نهر الشريعة وعاد إلى القاهرة. فسير الملك الناصر عسكراً من دمشق إلى غزة ليكون بها فأقاموا على تل العجول. فخرج المعز أيبك ومعه الأشرف موسى والفارس أقطاي وسائر البحرية ونزل بالصالحية. فأقام العسكر المصري بأرض السانح قريباً من العباسة والعسكر الشامي قريباً من سنتين وترددت بينهما الرسل. وأحدث الوزير الأسعد الفائزي ظلامات عديدة على الرعية. وفيها أمر الملك المعز أيبك بإخلاء قلعة الروضة فتحول من كان فيها من المماليك والحرسيه وغيرهم. وفيها عزل قاضي القضاة عماد الدين أبو القاسم بن أبي إسحاق ابن المقنشع - المعروف بابن القطب الحموي عن قضاء مصر وأضيف ذلك إلى قاضي القضاة بدر الدين السنجاري. وسافر الأمير حسام الدين أبو على إلى الحجاز - وترك طلبه بالسانح وفيه من ينوب عنه من البحر إلى قوص ثم ركب البحر الملح إلى مكة. وفيها أشيع وصول البادرائي رسول الخليفة ليصلح بين الناصر والمعز. فلما أبطأ قدومه وكثرت الأقاويل قال الأمير شهاب الدين غازي ابن أيار المعروف بابن المعمار - أحد المجودين صحبة الأمير جمال الدين موسى بن يغمور: ونطلب مسلماً يروي حديثاً صحيحاً من أحاديث الرسول وفيها وقع بمكة غلاء عظيم. ومات في هذه السنة من الأعيان قاضي القضاة ببغداد واسمه كمال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن عبد السلام بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن إبراهيم اللمفاني الحنفي. وفيها توفي بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة الجميزي الشافعي خطيب القاهرة وقد انتهت إليه مشيخة العلم عن تسعين سنة في يوم. وفيها توفي الصاحب جمال الدين أبو الحسين يحيى بن عيسى بن إبراهيم بن مطروح - الوزير بالشام والشاعر أيضاً - عن سبع وخمسين سنة في. . وفيها توفي رشيد الدين أبو محمد عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر السعدي شيخ القراءات 000 وفيها توفي علم الدين قيصر بن أبي القاسم بن عبد الغني بن مسافر - المعروف بتعاسيف الفقيه الحنفي بدمشق في 10 رجب ومولده بأصفون من صعيد مصر سنة أربع وسبعين
فيها قدم الأمير حسام الدين أبو علي من الحجاز فنزل في المعسكر من أرض السانح بالصالحية وقدم من بغداد الشيخ نجم الدين عبد الله بن محمد بن الحسن أبي سعد البادرائي رسولاً من الخليفة للإصلاح بين الملك المعز أيبك والملك الناصر. فتلقاه القاضي بدر الدين الخضر بن الحسن السنجاري من قطا ومعه جماعة وتحدث معه في ذلك. فأراد الناصر أن تقام له الخطة بديار مصر فلم يرض الملك المعز وزاد بأن طلب أن يكون بيده - مع مصر - من غزه إلى عقبة فيق. وفيها وردت الأخبار بأن منكوخان ملك التتر سير أخاه هولاكو لأخذ العراق فسار وأباد أهل بلاد الإسماعيلية قتلاً ونهباً وأسراً وسبياً ووصلت غاراته إلى ديار بكر وميافارقين وجاءوا إلى رأس عين وسروج وقتلوا ما ينيف على آلاف وأسروا مثل ذلك وصادفوا قافلة سارت من حران تريد بغداد فأخذوا منها أموالاً عظيمة من جملتها ستمائة حمل سكر من عمل مصر وستمائة ألف دينار. وقتلوا الشيوخ والعجائز وساقوا النساء والصبيان معهم فقطع أهل الشرق الفرات وفروا خائفين.فعند ذلك أزال الملك المعز اسم الملك الأشرف موسى من الخطة وانفرد باسم السلطة وسجن الأشرف واستولى على الخزائن وشرع في تحصيل الأموال فأحدث الوزير الأسعد شرف الدين هبة الله بن صاعد بن وهيب الفائزي حوادث وقرر على التجار وعلى أصحاب العقار أموالاً ورتب مكوساً وضمانات سماها الحقوق السلطانية والمعاملات الديوانية وأخذ الجوالي من الذمة مضاعفة وأحدث التصقيع والتقويم وعدة أنواع من المظالم ورتب الملك المعز مملوكه الأمير سيف الدين قطز نائب السلطة بديار مصر وأمر عدة من مماليكه فقويت شوكة البحرية وزاد شرهم وصار كبيرهم الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار الصالحي ملجأ لهم يسألونه في حوائجهم ويكون هو المتحدث مع الملك المعز. وفيها أقطع الفارس أقطاي ثغر الإسكندرية وكتب له به منشور. وتعدى شر البحرية وكثر تمردهم وطغيانهم. وخرجت السنة والملك المعز والعساكر بالسانح وعساكر الشام بغزة والملك الناصر مقيم بدمشق والملك المغيث عمر بالكرك. وكان النيل عالياً: بلغ ثمانية عشر ذراعاً وسبعة عشر إصبعاً وسد باب البحر عند المقس. وفيها وقع بمدينة حلب حريق عظيم ظهر أنه من الفرنج وتلف فيه أموال لا تحصى واحترقت
|